منع قافلة الصمود وخطف النشطاء اسئلة اولى بالرعاية لفهم الاستراتيجية المصرية ازاء غزة
في مشهد غير مسبوق اقدمت السلطات المصرية خلال الساعات الماضية على ترحيل عشرات النشطاء من جنسيات اوروبية ومغاربية كانوا في طريقهم الى معبر رفح ضمن قافلة الصمود الشعبية الداعمة لغزة وذلك بعد احتجازهم في مطار القاهرة او اقتحام اماكن اقامتهم. وبحسب شهود عيان جرت عمليات مداهمة لعدد من الفنادق جرى خلالها اعتقال نشطاء اوروبيين بعضهم اختطف من غرفهم دون اذن قضائي او تفسير قانوني وتم اقتيادهم الى جهة مجهولة ولا يزال مصيرهم مجهولا حتى لحظة كتابة هذه السطور.
هذا الحدث بتطوره الصادم لا يجب ان يعالج بوصفه مجرد تدبير امني بل باعتباره كاشفا عن بنية تفكير استراتيجية متكاملة تتعامل مع غزة لا كقضية وطنية او انسانية بل كخطر محتمل على الامن السياسي الداخلي يستوجب العزل والمراقبة والمنع. ومن هذا المنطلق تبرز امامنا جملة من الاسئلة الاولى بالرعاية وهي الاسئلة التي يجب طرحها اولا لانها تؤسس للفهم وتوجه التحليل وتفكك منطق الفعل السياسي لا مظاهره فقط.
1 ما الذي يجعل السلطات المصرية تتعامل مع نشطاء اوروبيين كانهم تهديد امني؟
السؤال الجوهري هنا باي منطق يتم اقتحام فنادق سياحية وسط العاصمة وخطف اجانب لم يخالفوا القانون ولم يشاركوا باي نشاط سياسي داخل مصر هل تخشى القاهرة من مجرد رمزية التضامن مع غزة وهل باتت رموز الدعم الانساني تعامل بوصفها ادوات تحريض واذا صح ان بعض المعتقلين لا يزالون في حالة اخفاء قسري فهل تعي السلطات انها تقرب نفسها من ممارسات الانظمة التي لطالما انكرتها في العلن
2 لماذا يتم اغلاق المجال امام التضامن الشعبي العابر للحدود مع غزة؟
جاءت قافلة الصمود من دول مغاربية واوروبية بافراد لا يحملون سلاحا بل يحملون شحنات رمزية من التعاطف والدعم فهل يمكن تفسير هذا العداء غير المبرر الا في اطار استراتيجية اشمل لاغلاق ملف غزة سياسيا وشعبيا ولماذا تمكن انظمة بعيدة جدا جغرافيا كجنوب افريقيا وتشيلي من الحراك التضامني بينما يمنع ذلك في الدولة التي يفترض انها الاقرب الى غزة والاكثر احتكاكا بقضيتها
3 هل هناك اتفاق غير معلن على كتم الصوت الدولي داخل مصر؟
ما حدث مع النشطاء لا يمكن عزله عن سياق اقليمي معقد يدفع في اتجاه تقليص مساحات الفعل الشعبي والرمزي الداعم لغزة لصالح احتكار الفعل السياسي عبر القنوات الرسمية فهل هناك اتفاق غير معلن ربما ضمن تفاهمات امنية مع الاحتلال او مع شركاء دوليين يقتضي كتم اي صوت غير منضبط بالمجال الرسمي المصري وما هي تداعيات هذا على سمعة مصر في دوائر التضامن العالمي
4 من يحكم العلاقة بين مصر وغزة القرار السيادي ام هواجس النظام؟
بدا لافتا في سلوك الدولة المصرية ان القرارات لا تصدر وفق منطق سيادي عقلاني بل وفق هواجس امنية داخلية تفرط في التحوط فهل غدت غزة مجرد ملف امني ضمن ارشيف الخطر الداخلي واذا صح ذلك فهل لا تزال مصر قادرة على لعب دور الوسيط او الداعم وهي تمارس هذا القدر من العداء حتى تجاه المتضامنين السلميين الاجانب
5 كيف تؤثر هذه الاجراءات على صورة مصر دوليا؟
لن تمر حادثة اقتحام الفنادق واختطاف النشطاء مرور الكرام في الصحافة الاوروبية فاذا كانت السلطة المصرية تعول على الصمت الرسمي الغربي فان اصوات البرلمانات ومنظمات حقوق الانسان واحزاب اليسار ستستثمر هذا الحدث لتوثيق ما تعتبره توحشا سلطويا ضد الحريات فهل تدرك القاهرة انها بصدد خسارة متجددة في معركة الصورة وفي زمن لم يعد يخفي فيه احد ممارساته
6 هل اخطا النظام في فهم طبيعة التهديد؟
ان كان النظام يرى ان منع قافلة الصمود واعتقال نشطائها يحميه من الانكشاف او الحرج فقد يكون قد اخطا التقدير فمثل هذه الحوادث لا تدفن بل تتحول الى سرديات طويلة الامد توثقها تقارير وتقيم عليها حملات وقد تنتج لها افلام وتحقيقات وتحولات راي عام فهل غدا النظام اسيرا لتقدير خاطئ للتهديد يعالج الرمزية بالقوة ويقابل المظاهرة بالحجز والشعور الانساني بالاعتقال
بالنهاية ما جرى في القاهرة خلال الساعات الماضية لا يتعلق فقط بغزة بل بمكانة مصر الاخلاقية ووظيفتها الاقليمية ومدى انسجام افعالها مع خطابها ان منع القافلة وخطف نشطاء اجانب ثم اخفاءهم يشكل تطورا خطيرا لا يمكن تغطيته باي ذريعة امنية وهو يطرح على الجميع من القاهرة الى غزة الى اوروبا سؤالا لا يمكن تجاهله من يخشى التضامن ولماذا؟
تعليقات
إرسال تعليق